الإسلام وكيفية معالجة الغضب
من القرآن الكريم:
1. سورة آل عمران (الآية 134):
\[
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
\]
(الذين يكظمون غضبهم ويعفون عن الناس هم من المحسنين الذين يحبهم الله).
2. سورة الشورى (الآية 37):
\[
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ
\]
(الذين يغفرون عند الغضب هم من المتقين).
من السنة النبوية:
1. حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
\[
لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ
\]
(رواه البخاري)
(النبي صلى الله عليه وسلم نصح بعدم الغضب مرارًا وتكرارًا).
2. حديث آخر عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
\[
إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ
\]
(رواه أحمد وأبو داود)
(النبي صلى الله عليه وسلم نصح بتغيير الوضعية عند الغضب للسيطرة عليه).
3. *حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:*
\[
مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ
\]
(رواه الترمذي)
(من يكظم غيظه يكون له أجر عظيم عند الله).
من أقوال الصحابة:
1. علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
\[
“مَن كظَمَ غيظًا وهو يَقدِرُ على إنفاذِه، ملأَ اللهُ قلبَه أمنًا وإيمانًا.”
\]
(من يكظم غيظه على الرغم من قدرته على تنفيذه، يملأ الله قلبه بالأمان والإيمان).
2. عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
\[
“أفضل الأعمال عند الله كظم الغيظ.”
\]
(أفضل الأعمال عند الله كظم الغيظ والسيطرة عليه).
3. عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
\[
“الغضب يطفئ نور الحكمة.”
\]
(الغضب يطفئ نور الحكمة ويفقد الإنسان القدرة على التصرف بحكمة).
4. أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
\[
“الغضب مفتاح كل شر.”
\]
(الغضب هو المفتاح لكل شر ومصدر الكثير من الأفعال السيئة).
5. عثمان بن عفان رضي الله عنه:
\[
“الذي يملك غضبه هو الذي يملك نفسه.”
\]
(من يملك غضبه يتحكم في نفسه ويكون قوياً في إرادته).
6. عبد الله بن عمر رضي الله عنه:
\[
“لا يحمد الله عبد حتى يكظم غيظه.”
\]
(لا يكون العبد محمداً عند الله حتى يكظم غيظه).
7. معاذ بن جبل رضي الله عنه:
\[
“اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.”
\]
(تعامل مع الناس بأخلاق حسنة، بما في ذلك السيطرة على الغضب).
8. أنس بن مالك رضي الله عنه:
\[
“كان النبي صلى الله عليه وسلم أحلم الناس، ولا يغضب لنفسه قط.”
\]
(النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس حلماً وصبراً، ولا يغضب لنفسه أبداً).
من أقوال التابعين:
1. الحسن البصري رحمه الله:
\[
“يا ابن آدم، خلقتَ غضبانًا وغضبتَ، ولكن اعلم أن أكرمك عند الله أطوعك له.”
\]
(يا ابن آدم، قد تُخلق غضبانًا وتغضب، لكن اعلم أن أكرمك عند الله هو أطوعك له وأحسنك تصرفًا).
2. سعيد بن المسيب رحمه الله:
\[
“ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.”
\]
(ليس الشديد هو الذي يصارع الناس، بل الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب).
3. *جاهد بن جبر رحمه الله
\[
“إذا غضبتَ فاملك نفسك، فإن الناس ينظرون إليك نظرة استهزاء.”
\]
(إذا غضبت، فاملك نفسك، فإن الناس سينظرون إليك نظرة استهزاء واستخفاف).
4. عبد الله بن المبارك رحمه الله:
\[
“إذا غضبتَ، تذكَّر سعة حلم الله عليك.”
\]
(إذا غضبت، تذكر كيف يتسع حلم الله عليك ويغفر لك).
5. مالك بن دينار رحمه الله:
\[
“الغضب عدو العقل، ومن غلبه غضبه فليس له من العقل شيء.”
\]
(الغضب عدو للعقل، ومن يغلبه غضبه لا يملك من العقل شيئاً).
6. أيوب السختياني رحمه الله:
\[
“إذا نطق السفيه فلا تجبه، فإن خمولك عنه أسلم.”
\]
(إذا تحدث السفيه فلا تجبه، فإن تجاهلك له أسلم لك وأهدأ لنفسك).
7. محمد بن سيرين رحمه الله:
\[
“إذا رأيتَ الرجل يغضب على الأمور التافهة فاعلم أن حلمه قليل.”
\]
(إذا رأيت شخصاً يغضب على أمور تافهة فاعلم أن صبره قليل).
8. أبو الدرداء رحمه الله:
\[
“ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب.”
\]
(القوي الحقيقي هو من يسيطر على نفسه عند الغضب، وليس من يتصارع مع الآخرين).
قصص من حياة الصحابة والتابعين:
1. قصة علي بن أبي طالب مع الرجل الذي شتمه:
عندما شتم رجل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قام علي بالدعاء له بالهداية وتركه بهدوء، مما أثار إعجاب الرجل وسرعان ما ندم على فعلته.
2. قصة عمر بن الخطاب مع الرجل الذي أثار غضبه:
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشتكي إليه بصوت عالٍ فأثار غضبه، لكن عمر استدعى أحد أصحابه وطلب منه أن يقرأ له آيات تتحدث عن كظم الغيظ حتى هدأ.
3. قصة أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع الرجل الذي شتمه:
كان رجل يسب أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً، فتعجب الصحابة من صبر أبي بكر حتى أنه لم يرد عليه بكلمة. وبعدما ذهب الرجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا كُنتَ غضبانًا، أتى الله ملكًا يردُّ عنك.”
4. قصة عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
جاء رجل يشكو لعمر بن عبد العزيز في غضب شديد، فرد عليه عمر بلطف وهدوء قائلاً: “إنني أستطيع أن أعاقبك، ولكن أحب أن أتحلى بالحلم والصبر.”
توجيهات عملية مستمدة من الأقوال والقصص:
1. تذكر فضل كظم الغيظ:
تذكير النفس دائماً بأن كظم الغيظ هو عمل محمود ومكافأ عند الله، كما قال تعالى: “وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”.
2. الاستعاذة بالله من الشيطان:
عند الشعور بالغضب، يمكن قول “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم” كما نصح النبي صلى الله عليه وسلم.
3. تغيير الوضعية:
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع.”
4. التزام الصمت:
عدم التحدث أو الرد عند الغضب، لأن الكلام في حالة الغضب غالباً ما يؤدي إلى مزيد من التصعيد.
5. الوضوء:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ.”
6. ذكر الله:
تذكر الله والذكر يزيد من السكينة والطمأنينة، قال الله تعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” (سورة الرعد، الآية 28).…
التفكير في العواقب:
تذكر أن الغضب قد يؤدي إلى أفعال وكلمات يندم الإنسان عليها لاحقاً، وأن كظم الغيظ هو علامة من علامات التقوى والأخلاق الحميدة.
البحث عن الأسباب الجذرية:
محاولة فهم الأسباب الحقيقية وراء الغضب والعمل على حلها بطرق عقلانية وهادئة.
الاستماع للآخرين:
تعلم الاستماع بشكل جيد ومحاولة فهم وجهات نظر الآخرين بدلاً من الرد بغضب.
طلب المشورة:
طلب النصيحة من الأصدقاء والعائلة حول كيفية التعامل مع الغضب بطرق إيجابية.
قصص وعبر عن الغضب
1. قصة النبي موسى عليه السلام:
ورد في القرآن الكريم قصة غضب النبي موسى عليه السلام عندما رجع إلى قومه فوجدهم يعبدون العجل. قال تعالى:
\[
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ
\]
(سورة الأعراف، الآية 150)
لكن موسى عليه السلام بعد ذلك هدأ وغفر لهم، وأدرك أهمية التعامل بحكمة في مثل هذه المواقف.
2. قصة الصحابي جرير بن عبد الله:
كان جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه من الصحابة المعروفين بحلمه. روى عنه أنه كان يُؤذى فيعرض عن الأذى ولا يرد عليه، وكان يصفح عن المسيئين.
3.قصة الإمام الشافعي مع الرجل الذي شتمه:
تعرض الإمام الشافعي لشتم من أحد الأشخاص، فلم يرد عليه بكلمة واحدة. وعندما سئل عن سبب صمته، قال: “إذا نطق السفيه فلا تجبه، فإن خمولك عنه أسلم.”
4. قصة الأحنف بن قيس:
كان الأحنف بن قيس من التابعين المعروفين بحلمهم. روى عنه أنه كان يُشتم فيعرض عن الشتائم ولا يرد، حتى أنه كان يقول: “ما قُلتُ لأحدٍ كلامًا أكره أن يرد عليَّ بمثله.”
5. قصة عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
جاء رجل يشكو لعمر بن عبد العزيز في غضب شديد، فرد عليه عمر بلطف وهدوء قائلاً: “إنني أستطيع أن أعاقبك، ولكن أحب أن أتحلى بالحلم والصبر.”
6. قصة الإمام أحمد بن حنبل مع الرجل الذي شتمه:
جاء رجل إلى الإمام أحمد بن حنبل يشتمه ويؤذيه، فصمت الإمام ولم يرد عليه. وعندما سأله تلاميذه عن سبب صمته، قال: “إن الله يحب الحلم عند الغضب.”
7. قصة الصحابي أبو ذر الغفاري:
جاء رجل إلى أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وهو يغضب عليه ويشتمه، فقال له أبو ذر: “يا هذا، إن كنت قد شتمتني بحق، فأسأل الله أن يغفر لي، وإن كنت قد شتمتني بباطل، فأسأل الله أن يغفر لك.”
8. قصة الأحنف بن قيس مع الرجل الذي أغضبه:
روى عن الأحنف بن قيس أنه كان في مجلس، فجاء رجل وبدأ يشتمه ويغضبه، فالتفت الأحنف إلى الرجل وقال: “يا هذا، إن كان ما تقول فيَّ حقاً فغفر الله لي، وإن كان باطلاً فغفر الله لك.”
عبر ودروس مستفادة:
1. الحلم والصبر:
تحلى بالحلم والصبر عند مواجهة الغضب، كما فعل الأنبياء والصحابة والتابعين.
2. تغيير الوضعية:
كما نصح النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير الوضعية عند الغضب للسيطرة عليه.
3. التزام الصمت:
الصمت هو أفضل رد في كثير من الأحيان، خاصة عند مواجهة الإهانات والشتائم.
4. الاستعاذة بالله:
قول “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم” يساعد في تهدئة النفس.
5. التفكر في العواقب:
التفكير في العواقب السلبية للغضب يمكن أن يساعد في تجنب التصرفات السيئة.
6. التسامح:
التسامح مع الآخرين هو علامة من علامات القوة والشجاعة.
باتباع هذه العبر والتوجيهات، يمكننا جميعاً أن نتعلم كيفية التعامل مع الغضب بطرق إيجابية ومفيدة تعزز من أخلاقنا وتساهم في تحسين علاقاتنا مع الآخرين.